أخر الاخبار

مفهوم النسق في الفلسفة

مفهوم النسق في الفلسفة

النسق الفلسفي هو بناء فكري مركب من وحدات معرفية (فروض، قضايا، تصورات، مفاهيم، نظريات) تُشكل إطاراً تصورياً مترابطاً ومتسقاً منطقياً، في إطار منهج يهدف إلى الإحاطة بالوجود بأسره.

فالنسق الفلسفي بهذا الاعتبار "موقف فكري" أو "رؤية خاصة إزاء العالم" يهدف إلى الإحاطة بالموجودات كلّها، وتصنيفها وترتيبها، وإدراك طرائق ارتباطها.
 ولما كان العقل الفلسفي يسعى بطبيعته إلى رد الكثرة والتغير إلى الوحدة والثبات لتأسيس المعرفة الفلسفية، يعمل العقل على رد الموجودات إلى "مقولات ومفاهيم" تندرج فيها الموجودات. فالمفاهيم هي تصورات نابعة من مواقف الفلاسفة إزاء الوجود والإنسان والنظام والزمان والصيرورة.

 إن قيمة التصورات والمفاهيم الفلسفية تتأتى من إمكانية توظيفها وتصنيفها وترتيبها في نسق فكري مترابط، عبر صياغتها في نظريات فلسفية متداخلة ومترابطة ترابطاً جوهرياً، لتشكل منظومة فلسفية متماسكة الأجزاء، تندرج في إطار واحد أو تحت مقولة أو مفهوم كلي، وهذا ما ندعوه بـ "النسق الفلسفي" system philosophical عند مشاهير الفلسفة، مثل: أفلاطون، وأرسطو، وكانط.. 
فالنسق بهذا الاعتبار يقدم تفسيراً عقلياً مقترحاً لما يواجهه الفيلسوف من تساؤلات.
 إن مفهوم نسق هو مفهوم فلسفي الأصل، وهذا ما ألمح إليه جان بيار فرنان، الذي يرى أن فلاسفة اليونان أول من تصوروا محايثة دقيقة للنسق، «فلكي تحل الفلسفة الصعوبات النظرية التي تواجهها، اصطنعت لغة خاصة بها، وعملت على إبداع مفاهيمها وبناء منطقها وعقلانيتها الخاصة» 1
 
فالتصورات الأولى للنسق الفلسفي نشأت وتبلورت عند أفلاطون وأرسطو لاحقاً، وبحسب نيتشه فهؤلاء «ابتكروا في الواقع الأنساق الكبرى للتفكير الفلسفي» 2
أول فيلسوف استعمل مفهوم "النسق"
 أول فيلسوف استعمل مفهوم "النسق"

 ولعل هيجل أول فيلسوف استعمل مفهوم "النسق" حتى إن هذا المصطلح قد ورد في عنوان أول مؤلف فلسفي عند هيجل، وهو "في الفرق بين نسق فيشته ونسق شلنغ في الفلسفة" .3
 فقد ميز هيجل في قراءته لتاريخ الفلسفة بين نمطين من الأنساق الفلسفية:
  • نسق فلسفي كلي" ينطبق على تاريخ الفلسفة بكاملها.
  • وأنساق فلسفية خاصة بالفلاسفة . 4
وباعتقادنا أن كل نسق فلسفي يبنى على مفهوم رئيس واحد، يعد المقولة المركزية في النسق، إِذْ يحاول الفيلسوف تطبيقه على نظريات النسق كلّها
🎯(المثال عند أفلاطون، والموجود عند أرسطو، وواجب الوجود السينوي، وكوجيتو ديكارت، ومونادا ليبنتز، والمطلق عند هيجل) - وتشتق منه مفاهيم ومقولات أخرى ذات دلالات متحولة تضبط النسق بأكمله، عبر توظيفها في نظريات محددة.
النسق بحسب دولوز
النسق بحسب دولوز

 فالمفهوم الرئيس في النسق بحسب دولوز ليس بسيطاً بل مركباً، يمتلك مكوناتٍ وعناصر يحدد بها .5
 إن النسق ينمو ويتسع ويتشعب من تطبيق المفهوم الرئيسي على مختلف النظريات داخل النسق، فماهية النسق تكمن في إمكانية رده إلى وحدة التفسير التي ترتكز إلى المفهوم الرئيس الذي يحكم النسق.

 إن الأنساق الفلسفية عند كل من أفلاطون وأرسطو وهيجل تختلف عن بعضها في "المفهوم الرئيس" الذي يحكم النسق، فهؤلاء الفلاسفة ليس لهم مفهوم رئيس واحد، بل لكل منهم مفهومه المركزي الخاص، بنى عليه نسقه الفلسفي.

لقد شيد أفلاطون نسقه الفلسفي على مفهوم رئيس واحد هو: 
"مثال الخير" أو "الخير الأقصى"،
 واشتق منه ثلاثة مفاهيم أساسية فسر بها الوجود بأكمله، وهي:
 "العالم المعقول"،   و"العالم المحسوس"،   و"اللاوجود (المعدوم)".

خصائص النسق الفلسفي
  1. الكلية
  2. الترابط والانسجام 
  3. الأصالة والابداع 
  4. خصوصية الجهاز المفاهيمي 
للمزيد من التفاصيل المرجو تحميل المف كاملا 

المراجع
1- جان بيار فرنان، أصول الفكر اليوناني، ترجمة سليم حداد، المؤسسة الجامعية للدراسات والنـشر والتوزيع: بيروت، 1987 ،ص 118.
2 - فريدريك نيتشه، الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي، ترجمة سهيل القش، المؤسسة الجامعيـة للدراسات والنشر والتوزيع: بيروت، ط 2 ،1983 ،ص 41.
3- راجع هيجل، في الفرق بين نسق فيشته ونسق شلنغ في الفلسفة، ترجمة ناجي العـونلّي، مركـز دراسات الوحدة العربية: بيروت، 2007.
4 -راجع هيجل، موسوعة العلوم الفلسفية، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير للطباعة والنـشر: بيروت، 1983 ،ص 68 .وراجع أيضاً هيجل، تاريخ الفلسفة، ص 222 - 223.
5- جيل دولوز، ما هي الفلسفة، ص 39.
♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -