أخر الاخبار

نظريات تخطيط المدن

نظريات تخطيط المدن
تخطيط المدينة

نظريات تخطيط المدن

علم الاجتماع الحضري

 بقي التخطيط حتى منتصف القرن الثامن عشر (عصور الثورة الصناعية ) عبارة عن شق الطرقات ووضع المساحات و إيجاد تناسق في وجهات البنية والإهتمام بالقصور والآثار، وغرس الأشجار في الأحياء الرئيسية أو الفخمة في المدينة، هذه الأخيرة التي لم تنشأ وتتطور بشكل عفوي، إنما كان نموها نتيجة جملة من العوامل الإستراتيجية المتعلقة بالموقع والموضع والعوامل الإقتصادية المتعلقة بالإنتاج والعوامل السياسية المرتبطة بالتقسيم الإداري.

 ومنه فإن عملية التغيير في أي جزء من أجزاء المدينة يؤثر حتما في الأجزاء الأخرى، فبناء منزل جديد يؤدي إلى الاكتظاظ في الشوارع وازدياد الحاجة إلى التجهيزات الجماعية من مرافق و خدمات، وهذا لتحسين الصحة والأمن والرعاية الإجتماعية.

 فأصبح مخطّطو المدن في عصرنا الحالي يولون أهمية لتوافر الشمس، فأنشؤوا مناطق سكنية مناسبة للإقامة والعمل واللعب مما أدى الى تحسن مستوى الإسكان الذي يعد مشكلة العصر التي تعاني منها معظم دول العالم.

 فمع بداية عصر الثورة الصناعية، حدث تطور هائل في تخطيط المدينة، فظهر بذلك رواد وباحثون في ميدان التخطيط والعمارة، أدى إلى نشأة أو ميلاد العديد من النظريات الحديثة التي سنتناول بعضها في هذا المقال.

 1 - نظرية المدينة الشريطية:

 تتلخص النظرية في إنشاء التجمعات السكنية والمصانع على جانبي طريق مواصلات رئيسي، تمتد إلى مسافات طويلة وتتفرع من هذا الطريق، شوارع فرعية مسدودة النهايات، تبنى حولها المساكن، و تمتد هذه التجمعات على امتداد الطريق الرئيسي الذي يربط المدن ببعضها.

 رائد هذه النظرية هو "سوريا متى"، الذي برز هذه الفكرة لإلغاء الشكل المركزي للمدينة وكمثال تطبيقي على النظرية " مدينة برج العرب في مصر ".
  •  من مزايا هذه النظرية:
  •  - الحصول على جمال الريف و جمال الطبيعة على جانبي المدينة .
  •  - تفادي المركزية الخانقة في الخدمات المركزة في الوسط .
  •  - ضمان توزيع الأراضي السكنية توزيعا متكافئا من ناحية اتصالها بشبكة المرور مع إمكانية تمتع كل مسكن بحديقة خلفية.
  •  أما من عيوبها:
  •  - عدم تحقيق الإرتباط والتآلف بين سكان المدينة لطولها.
  •  - لم تحقق الفصل العضوي بين المناطق السكنية والصناعة وغيرها وكذلك بالنسبة للمنازل، تواجه طريق مرور رئيسي وهو مسار للضجيج ويعد خطرا على  سلامة السكان.1

 2 - نظرية المدينة الحدائقية :

 ظهرت في لندن فكرة المدن الحدائقية عام 1898 من طرف لابزار هوارد ، نتيجة لما لمسه من قبح المدن الصناعية و ازدحامها بالسكان و نموها غير المنتظم ، وتتلخص فكرته في تخطيط مدينة تتمتع بكفايتها الذاتية، وهي ذات مسطح إجمالي قدره 6000 ه، يشغل 2 المنطقة العمرانية للمدينة مساحة 1000هـ ويسكن في المدينة 32 ألف نسمة 2، ووضع أسسا تقوم عليها هذه المدن و هي:

☜ إحاطة المدينة بحزام أخضر .

☜ تناولت المدينة الإستخدام الأمثل للريح والشمس ومحاربة ارتفاع سعر الأرض فاستندت النظرية إلى عامل العزلة الإجتماعية وخصوصية كل عائلة .

 بنى هوارد فكرته على تساؤل المدينة والقرية، أي هاذين التكوينين يمكن أن يوفر للإنسان ظروف الحياة الكاملة ؟ وقد وصل إلى أنه، لكل منهما عيوبه ومزاياه واستخلص أن الحياة اللائقة لا تتوفر إلا في ظروف تجتمع فيها مزايا المدينة و القرية.

 و كمثال تطبيقي للنظرية – مدينة ولوين الحدائقية Garden Walwyn .

 - أسسها هوارد في عام 1920، تقع في شرق إنجلترا، تخطيطها له أهمية عالمية، حيث أصبحت لها قاعدة تجارية قوية تجلب التوظيف الكثير للمنطقة، وحافظت على المجال والإنسجام المعماري في البنايات الجديدة، أسلوبها الرئيسي هو العمارة الجورجية# وتشمل حزاما أخضرا حول المدينة وتشمل بحيرات أيضا.

☺️من مزايا هذه النظرية :
- انسجام الطابع الريفي المعروف بالطبيعة والحدائق والأشجار، مع مقومات التخطيط الحضري الجديد من مركز مدني وشبكة نقل وفعاليات خدمية ونشاطات صناعية وتجارية .

- كثافتها السكانية قليلة ، والإعتماد على فكرة اكتفاء المدينة ذاتيا.

☹️ أما العيوب فهي كالتالي:

 - فكرة أن مدينة الغد الحدائقية تتيح للفرد الإستقلالية مع أسرته، أدى ذلك إلى انعدام الروابط الإجتماعية بين الناس.

 - عندما نفذت هذه النظرية لم يراعى الربط بين السكن والعمل، فأنشأت مدن أخرى 1 لتغطي هذا النقص.3

 3 - نظریة المدینة الصناعیة :

 اعتمدت هذه النظرية على فكرة عمل توازن بين التنمية الحضرية والريف المحيط بها والخروج بالمناطق الصناعية إلى أطراف المدن لعزلها عن المناطق السكنية ومراكز النمو رائد هذه النظرية هو "توني جرانيز" حيث نشر سنة 1917 فكرة المدينة الصناعية، التي خططت على أساس فصل الحضر والإسكان عن المناطق الصناعية، وذلك عن طريق أحزمة خضراء، أما الطرق الرئيسية والسكك الحديدية فقد استخدمت لتربط بين الإستعمالات.

 وكمثال على هذه النظرية " مدينة العاشر من رمضان الجديدة " في مصر.
  •  من مزايا هذه النظرية:
  •  - فصل مناطق الإسكان عن المناطق الصناعية.
  •  - توفير مناطق سكنية جديدة للعمال بالقرب من سكناهم.
  •  أما بالنسبة للعيوب:
  •  - قلة الخدمات الرئيسية التي يحتاج إليها السكان.
  •  - ارتفاع معدا التلوث في هذه البيئة  .4

 4 - نظرية مدينة الغد :

 جاءت فكرة هذه النظرية بعد مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث كانت تتسم بعملية البناء السريع، بسبب الدمار الذي سببته الحرب.

 فوضع قواعد هذه النظرية المعماري الفرنسي "لوكوربيزيه Corbusier Le " عام 1922 ،5 فهي عبارة عن شوارع ضخمة تحوي في وسطها عمارات عالية ناطحات سحاب يتركز في الوسط مراكز المواصلات الرئيسية، وحول ناطحات السحاب توجد عمارات في شكل خطط زجاجية، وفي خارج المدينة توجد منطقة الفيلات.

 بعدها طور "لوكوربيزييه" مخطط المدينة وأطلق عليه "المدينة المشرقة " حيث تميزت بأنها ذات هيكل غير مقفل يمكن تطويره بحرية في المستقبل.

 ومنه فإن أفكار هذا المهندس الفرنسي كانت مبنية على التزاوج بين المدينة والريف وأكد على الإمتداد الرئيسي، فعرف المساحة العمرانية بأربع وظائف وهي:

 (المسكن، العمل ، المواصلات والراحة الفكرية والجسدية ).
  •  من مزايا هذه النظرية:
  •  - الحد من التكدس في وسط المدينة، بزيادة الحدائق والمساحات الخضراء المفتوحة.
  •  - استخدام الإمتداد الرئيسي لاستغلال أقل مساحات من الأرض.
  •  أما بالنسبة للعيوب
  •  فإن تطبيق هذه النظرية لم يحل مشاكل المدينة أو يخفض كثافة السكان فيها.6

 5 - نظرية المدن التوابع:

 تقوم هذه النظرية على أساس تكوين خلايا عمرانية متباعدة، يرتبط بينهما مركز كبير، وقد ترتبط الخلايا بمجموعة أكبر منها قبل اتصالها بالمركز، أو يكون اتصالها به مباشرة.

 رائد هذه النظرية هو "أودولف رادنج Rading Adolf ،" وضع هذه النظرية عام 1920 وتبعه "ريموند إنوين " عام 1921 ،ثم روبيرت هويتن عام 1923. 7

 اعتمدت هذه النظرية ، على أن يتراوح حجم سكان الضاحية بين 12 و 18 ألف بحيث لا تتطلب مواصلات داخلية و قد تشمل بعض الصناعات، ولكن يجب ربطها بالمدينة الأم بواسطة شبكة مواصلات سريعة و مريحة.
  •  من مزايا هذه النظرية :
  •  - تمركز الخدمات الرئيسية خارج المدينة، يساعد على سهولة الحركة وقلة الإزدحام في مناطق الخدمات.
  •  - حل المشاكل المتواجدة في المدن الصناعية، مثل ندرة المناطق الخضراء، تعتبر امتداد طبيعي للمدن الحدائقية.
  • أما بالنسبة للعيوب:
  •  فيلاحظ قلة الخدمات في المدن التوابع لتمركزها في المدينة الرئيسية.8

المراجع 

1 - علاء العیشي و آخرون : نظریات تخطیط المدن ص.ص 6-8 .
2 -  Yves Chalas, la ville nouvelle de l’Isle d’Abeau, origines, évolutions et perspectives ,Paris pp 71,72. 
3 - علاء العیشي و آخرون: مرجع سابق ، ص ص 11-18 .
4 - نفس المرجع، ص.ص 26-27 .
6 - Yves Chalas op,cit pp 82-84. 
6 - علاء العیشي و آخرون : مرجع سابق ص.ص 28-29 .
7 - حسین عبد الحمید أحمد رشوان : التخطیط الحضري ، دراسة في علم الإجتماع ، مركز الإسكندریة للكتاب 2005 ،ص 81
8 - علاء العیشي و آخرون : مرجع سابق ص.ص 23-24 .

توضيحات 
# العمارة الجورجية هي المُسمى المطلق على مجموعة الأنماط المعمارية التي وجدت بين عامي 1714 و1830 في معظم البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية.

 ♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -