النوع الاجتماعي |
محاضرات في سوسيولوجيا النوع الاجتماعي pdf
تحديد مفهوم النوع الاجتماعي
يحيل مفهوم الجنس Sexe على الخصائص البيولوجية التي تحدد نوع أو جنس كل من الذكر والأنثى، بينما يعني النوع الاجتماعي genre أو الجندر البناء السوسيو - ثقافي لهوية كل من المراة والرجل، والتي على اثر هذه الخصائص الاجتماعية التي تمنح لكل منهما يتم توزيع الأدوار و إسناد المهام لكليهما ، وتحديد وضعهما الاجتماعي وكذا العلاقات الاجتماعية بينهما .بدأ استخدام مفهوم النوع الاجتماعي منذ السبعينات، أي منذ اعتماده من قبل الباحثة البريطانية آن أوائلي ( Ann Oakley ) في كتابها الشهير : الجنس، النوع والمجتمع1 الذي قدمت فيه تفسرا مفصلا للفرق بين مفهوم الجنس والنوع ودورهما في تحديد خصائص الرجال والنساء المكونة اجتماعيا في مقابل تلك المحددة بيولوجيا ترى هذه الباحثة أن " الجنس " يمثل مفردة تشير إلى الفوارق البيولوجية بين الذكر والأنثى ، في حين تحمل لفظة " النوع " على العكس من ذلك ، إحالة إلى الثقافة ، وتتضمن التصنيف الاجتماعي الذكوري والأنثوي ، و علينا تبنّي الإقرار بثبات الجنس وتغيّر النوع 2
فإذا كانت خصائص الجنس ثابتة لا تتغير ، فان خصائص النوع أو الهوية الجندرية أو الاجتماعية هي عناصر قابلة للتغيير بتغير المجتمعات والثقافات والصور والأزمنة والأمكنة
وترسخ الهوية الجندرية من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية التي تبدأ منذ اليوم الأول للميلاد ، وتستمر طوال فترات العمر المختلفة، و تختلف في أساليبها من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى .
تتأثر أيضاً بواسطة الانطباع العام للمجتمع ، و الصور التقليدية النمطية التي تتكون عن النساء والرجال ، وتؤثر على تمثلات وأساليب التفكير وتصرفات وسلوكيات كل
1 ANN Oakley.,Sex,Gender and Society
2 Christine GUIONNET Et Erik NEVEU. Féminins Masculins. Sociologie du
genre. ARMAND Colin éd 21 paris 2004, p 23
ازداد استخدام مفهوم النوع الاجتماعي خاصة بعد المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة حول حقوق المرأة في العالم ومكافحة التمييز ضدها وإدماجها كشريك فعال في التنمية، نظرا لما يتيحه هذا المفهوم من محاولات تهدف تصحيح مجموعة من الأفكار الخاطئة عن الرجال والنساء والتي سادت في الكثير من المجتمعات الإنسانية ، سواء تعلق الأمر بالأدوار او القدرات العقلية والجسدية أو القيمة والاعتبار التي تختلف بين المرأة والرجل ويتم ربطها بالتباينات البيولوجية بينهما.
ورغم اعتراف مقاربة النوع الاجتماعي بالفوارق البيولوجية بين الجنسين، إلا أنها لا ترجع لها جل التمييز ضد المرأة ، هذا التمييز الذي تم تشييده اجتماعيا وثقافيا عبر التاريخ
التنشئة الاجتماعية وتشكل الهوية الجندرية
تهدف عملية التنشئة الاجتماعية إلى تحويل الكائن البيلوجي ، إلى كائن اجتماعي وثقافي ، من خلال اكتسابه العناصر الثقافية المميزة لجماعته ، وتصبح جزءا من تكوينه الشخصي باكتسابه لكافة القيم والرموز والمبادئ والمعايير التي تميز ثقافة الجماعة والمجتمع الذي ينتمي إليهما فهي العملية التي يحاول المجتمع بواسطة الأسرة بالدرجة الأولى من خلال ما يسمى بالتنشئة الأولية ، ثم التنشئة الثانوية التي تقوم بها كافة المؤسسات في المجتمع وخاصة المدرسة ومجموعة الرفاق ، الشارع ، المسجد وغيرها من المؤسسات والأشخاص والمحيط التي يحتك به الفرد في بناء شخصيته وهويته ارفق قيم واتجاهات المجتمع ، أو بمعنى آخر وفق ثقافة هذا المحيط الهوية هي ما يشعر به كل من الرجل والمرأة عن نفسه ( من أنا ومن هو ) أي الفكرة التي يكونها كل واحد منهما عن ذاته ، وهذه الفكرة يغرسها المجتمع فيهما منذ سن مكبر جدا ان الهوية الجندرية لا ترتبط بتأثير الخصائص البيولوجيا فقط بل هي نتاج ثقافة المجتمع ككلتحدد الهوية الجندرية لكل من النساء والرجال أساليب تفكيرهم وسلوكاتهم والصفات والوظائف الاجتماعية والمسؤوليات المرتبطة بكل واحد منهما و آليات تشكل الهويات الجندرية وتحكمها في الأدوار والسلوكات بين النساء والرجال في المجتمع ، جعل سيمون دو بوفوار تقول " أن المرأة لا تولد امراة وإنما تصبح كذلك " . " On ne nait pas femme , on le devient " . Simone DEBEAVOIR . 1949 .
التنشئة الاجتماعية الفارقية المتوقعة وتعلم الأدوار الاجتماعية
تلعب التنشئة الاجتماعية دورا مهما في تلقين الأدوار المتوقعة من كل جنس على حدة ؛ فمن خلال عملية التعلم المباشر أو بالمحاكاة يتعلم الأطفال ممارسة الأنشطة الخاصة بجنسهم البيولوجي ، هذه الآليات التي تعمل على تطور الفروق الجنسية بين الجنسية منذ نعومة أظافرهم ، من خلال التمييز في شكل ولون اللباس واللعب لعب للإناث وأخرى للذكور تعزز إتقان الأدوار المتوقعة لكل منهما في المستقبل فالوعي بالهوية الجندرية يلقن ويرسخ في كل جنس في سن مبكرة جدا ، والشعور والوعي هو الذي يملي فيما بعد قواعد السلوك ، والتمثلات التي تجعل كل واحد منهما يتصرف كرجل أو امرأة كترجمة لأساليب التنشئة الاجتماعية التي خضعا إليها ، والقيم التي تشبعا بها.
إن التمثلات حول ما هو ذكوري وأنثوي تتحكم في سلوكات كل من الرجال ومن النساء هذه التمثلات المستمدة من الثقافة المهيمنة في المجتمع ، و التي تفرض حدودا بين اختصاصات الواحد والأخر ، هذه الحدود التي تتسع وتضيق بحسب تشدد هذه الثقافة أو لبرونتها كما تختلف من ثقافة إلى أخرى ، ومن زمن إلى آخر
الهوية الجندرية وتقيسيهم الأدوار بين الجنسين
بينت مجموعة من الدراسات الأنثروبولوجية أن التقسيم الكلاسيكي للأدوار بين الجنسين الذي فيه يقوم الرجال بالمهام في المجال العام والنساء بمهام المجال الخاص ليس كونيا ، بل يختلف من ثقافة الأخرى ومن مجتمع لاخر ، ومن مرحلة تاريخية الأخرى .تعد مارغريت ميد من بين الانثربولوجيين / ات اللواتي اثبت في دراستهن أن تقسيم العمل الجنسي يختلف باختلاف المجتمعات ؛ ففي دراستها عن قبيلة شامبيلي في غنيا الجديدة ، بينت أن تقسيم الأدوار بين الرجال والنساء يختلف عن شكل التقسيم السائد في غالبية المجتمعات ، حيث تزاول النساء أنشطة مختلفة في المجال العام من زراعة وتجارة وصيد . بينما يختص الرجال بالمهام الخاصة في المجال الخاص وخلصت الباحثة من هذه الدراسة أن " القوالب النمطية الشائعة لسمات الأنوثة والذكورة ليست فطرية ، بل هي بالأساس نتاج للتنشئة الاجتماعية والتكيف الثقافي مع أعراف وعوائد المجتمع "
مرحبا بك في بوابة علم الاجتماع
يسعدنا تلقي تعليقاتكم وسعداء بتواجدكم معنا على البوابة