مدخل إلى علم اجتماع العلوم - ميشيل دوبوا - pdf
إذا كان صحيحاً أن علم اجتماع العلوم هو في نظر علم الاجتماع العام، الذي يشكل أحد فروعه، علم شات نسبياً ( أي حديث النشأة طالما أن مأسسته لا ترجع إلى أكثر من أربعين عاماً، وأن تأسيس أول مجلة متخصصة يعود إلى مطلع السبعينيات من القرن العشرين )، فإن هذا التاريخ القصير قد شهد تقدماً مهماً في تحليل شروط اشتغال التجربة العلمية.
وبما إننا صرنا اليوم نعرف عن موضوع تنوع العوامل المؤثرة في ولادة حقل علمي ما، أكثر مما كنا نعرف قبل أربعين عاماً. والحال ، فإن علماء الاجتماع، بتحليلهم المنشورات العلمية، أو في أكثر الأحيان بدخولهم مختبرات البحث، ساهموا مساهمة كبرى في إغناء معرفتنا بالأواليات الاجتماعية والمعرفية التي تفعل فعلها في بلورة الابتكارات العلمية .
هذه الدينامية التي يصعب إنكارها لم تسر مع ذلك باتجاه وحيد . وسيكون لدى القارئ منسع لكي يتأكد من ذلك بنفسه : إن علم اجتماع العلوم لا يحوي، مثله مثل أي علم آخر، اختصاصات فرعية تُحدّد انطلاقاً من تحديد مواضيع مخصوصة فقط ، ( على سبيل المثال : تعميم الابتكارات ونشرها ، تنظيم العمل العلمي، الاستدلالات العلمية، دور الأوراق البحثية غير الرسمية )، وإنما أيضاً . وعلى مثال علم الاجتماع العام نفس ، هو لا يملك قاعدة منهجية ونظرية وحيدة .
وسيكون من قبيل المبالغة، لا محالة، الادعاء بوجود علوم اجتماع للعلوم بالقدر نفسه لوجود علماء اجتماء للعلوم ؛ إلا أنه يبدو مع ذلك مؤكدا أن علماء اجتماع العلوم لم يتوصلوا حتي اليوم إلى إقامة إجماع عام حول ما يمكن أن تكون عليه الطريقة الأفضل لتصور غايات التحليل السوسيولوجي ووسائله إن الصعوبة التي يواجهها من يكون في موقع التصدي لمحاولة تصويب طبيعة هذا العلم وتطوره ، هي صعوبة مثلوثة .
المطلوب أولا أن نكون في مستوى تمثل التعدد الداخلي صلب علم اجتماع العلوم من دون الوقوع في عبب رؤية نجزيئية.
إن علم اجتماع العلوم هو جمعي، بقدر ما تلتقي أو تتقاطع اهتمامات علماء الاجتماع غالباً حول عدد من من المسائل الأساسية من قبيل :
ما هو تعريف الجماعة العلمية ؟
ما هي وحدة التحليل السوسيولوجي الشرعية للإفادة عن أصل الابتكارات العلمية بأي طريقة يجب تصور تأثير العوامل الاجتماعية في مجرى البحث العلمي ؟
يبدو من المشروع إذاً تأكيد التماثلات كما الاختلافات . ثم إنه يجب إعادة تركيب صورة تطور الإشكاليات ونجدد المواضيع من دون أن تعطي تصوراً تبسيطية مفرطاً عن هذا التطور .
إن علم اجتماع العلوم ، كما يُمارس اليوم ، ليس بالتأكيد ما كان بالإمكان ملاحظته في منتصف الستينيات. في تلك الأيام ، لم تكن حتى عبارة « علم اجتماع العلوم ، قد تحنت بعد لتحل محل عبارة علم اجتماع العلم ، ( وهنا تمييز ليس غير ذي أهمية ) . ولكن ما سبق لا يعني لذلك أنه من المفروض أن يكون كل شيء جديدة وأصيلا في الأعمال المعاصرة .
وعلماء اجتماع العلوم، حين يصلون بأنفسهم مساهماتهم في هذا الفرع المعرفي، فإنهم يخضعون أحياناً لما كان موروكين يسميه ، في تحليله اتجاهات علم الاجتماع الأمريكي وخيباته، « عقدة المخترع » ، وليس من العادي المتكرر اكتشاف أمريكا سوسيولوجية جديدة ، حتى بالنسبة إلى علم اجتماع العلوم. قد تكون هذه ليست أكثر من مجرد وهم موسس على جهل التاريخ الفرع المعرفي، أو ببساطة أكثر على إرادة البعض في تضخيم تشخيص مساهمتهم الفعلية وذلك بإعادة تدويره أفكار قديمة بواسطة فصاحة بليغة جديدة .
وأخيراً ، فإن الصعوبة الثالثة تتمثل في وجوب التوفيق بين الحاجة إلى عرض التعدد الداخلي صلب علم اجتماع العلوم، وبين ان لا نتخلى في الوقت نفسه عن صفتنا أننا علماء اجتماع، أي باعتبارنا أفراداً منخرطين في طريق بحثي مخصوص، لدينا أسباب تختلف في طبيعتها لكي نفضل هذاالنهج بدلاً من ذاك، وهذا الموضوع بدلا من ذلك .
مرحبا بك في بوابة علم الاجتماع
يسعدنا تلقي تعليقاتكم وسعداء بتواجدكم معنا على البوابة