أخر الاخبار

الإنسان بين الجوهر والمظهر - اريك فروم


 هاهو »عالم نفسي « وفيلسوف أوروبي-أمريكي وناقد اجتماعي هو إريك فروم ، ينضم إلى قافلة المفكرين العظماء الذين ما أن يصلوا إلى قمة نضجهم ويريدون إبلاغ رسالتهم باختصار إلى الإنسانية لا يجدون إلا ذلك التقابل الأزلي التليد بالخير والشر. وهو عند فروم يقابل بالتملك والكينونة، أو بعبارة أخرى ب ` املكية والوجود، بطريقة في الحياة تقوم على الاقتناء والاستحواذ والاكتناز والجشع، وبطريقة أخرى تقوم على ترسيخ قواعد الوجود الإنساني الخير، وإتاحة الفرصة للبشر ليخرجوا أجمل ما عندهم من مواهب وملكات وأخلاق.

 ولقد ترددت فكرة الثنائية والتقابل بين قطبين  عبر تاريخ الفكر، واتخذت مظاهر متعددة فكانت عند ابن رشد ب ` العقل والجهل، وعند فرويد بالحياة أيروس والعدم ثاناتوس، وعند ماركس بالرأسمالية والاشتراكية. ووجدت أيضا عند كثير غيرهم من المفكرين والفلاسفة. وهذه هي الأسألة التي يطرحها فروم في هذا الكتاب. وليس إريك فروم غريبا على قراء العربية. فمنذ ما يزيد على عشرين عاما ترجم كتابه »اﻟﻤﺠتمع السليم Sane Society « إلى العربية. وتوالت بعد ذلك ترجمات العديد من كتبه، ولا يخلو أي  كتاب جاد أو بحث متعمق في قضايا الإنسان أو 

 نفسيته أو شخصيته من إشارة إلى كتابات فروم وأفكاره. ولكي نفهم هذا الكتاب أو هذه الرسالة يجب أن نضعه في مكانه بين كتب وأفكار المؤلف خصوصا إذا كان مؤلفا مثل فروم أخذ على عاتقه في مختلف كتبه أن بين `للبشرية طبيعة الكارثة التي توشك أن تحيق بها، وإمكانية الخروج منها ببيان ما يعتقد أنه طريق آمن لبقاء البشرية ونضج الشخصية الإنسانية.

 فمن هو إريك فروم؟ 
لقد ولد في ٢٣ مارس ١٩٠٠ في ألمانيا،  وأكمل دراساته الجامعية والعالية في جامعتي هيدلبرج وميونيخ، ثم في معهد التحليل النفسي في ميونيخ. وهاجر من ألمانيا هربا من الاضطهاد النازي إلى الولايات المتحدة عام ١٩٣٢ واشتغل بالتدريس في الجامعات الأمريكية ومماارسة العلاج النفسي، وأصبح أستاذا لعلم النفس في جامعة نيويورك. وفي سنواته الأخيرة انتقل إلى سويسرا حيث لم يتوقف عن الكتابة والنشاط الفكري إلى أن توفي هناك في ١٨ مارس ١٩٧٩ . 
وقد تربى فروم في مدرستين هما: التحليل النفسي الفرويدي والماركسية، ولذلك توفرت له رؤية شاملة للاضطراب النفسي والاجتماعي، واتسعت نظرته لتصبح إنسانية شاملة تتخطى النظم القائمة في أمريكا أو روسيا، وترمي إلى تحقيق السعادة للبشر في ظل نظام اجتماعي يوفر الصحة النفسية والاجتماعية للجميع. لذلك لم يرض عنه الفرويديون والرأسماليون والشيوعيون. فأصحاب التحليل النفسي الأرثوذكسي لا يغفرون له خروجه على نظرية الغرائز عند فرويد حيث إن الحياة النفسية عندهم هي محصلة للصراع بين طاقات غريزية ثلاث:
  ال هو والأنا، والأنا الأعلى. أل هو هي مجموعة الغرائز الأولية الدافعة إلى الحياة خصوصا غريزة الجنس ، والأنا هو أساليب تحقيق الرغبات الأولية، والأنا الأعلى هو مجموعة القيم التي تحدد للفرد ماذا يقبل وماذا يدع. وقد نشأت نظرية التحليل النفسي في المناخ الوضعي نفسه الذي شكل مسار علم الطبيعة وعلم البيولوجيا في القرن التاسع عشر ، فاعتبرت الإنسان أساسا نظاما مركبا من الطاقة يحافظ عل نفسه بوساطة علاقاته مع العالم الخارجي. والغرض النهائي لهذه الصلات هو بقاء وتكاثر النوع ...


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -